كقوله تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم " وقوله عز وجل " ويصلح بالهم " أي أمرهم وحالهم (ويدخلهم الجنة عرفها لهم) أي عرفهم بها وهداهم إليها قال مجاهد يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم وحيث قسم الله لهم منها لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا وروى مالك عن زيد بن أسلم نحو هذا وقال محمد بن كعب يعرفون بيوتهم إذا دخلوا الجنة كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة. وقال مقاتل ابن حيان بلغنا أن الملك الذي كان وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شئ أعطاه الله تعالى في الجنة فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه ذكره ابن أبي حاتم رحمه الله وقد ورد الحديث الصحيح بذلك أيضا رواه البخاري من حديث قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار يتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة والذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا ". ثم قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) كقوله عز وجل " ولينصرن الله من ينصره " فإن الجزاء من جنس العمل ولهذا قال تعالى " يثبت أقدامكم " كما جاء في الحديث " من بلغ ذا سلطان حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله تعالى قدميه على الصراط يوم القيامة " ثم قال تبارك وتعالى " والذين كفروا فتعسا لهم " عكس تثبيت الاقدام للمؤمنين الناصرين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش " أي فلا شفاه الله عز وجل ". وقوله سبحانه وتعالى " وأضل أعمالهم " أي أحبطها وأبطلها ولهذا قال " ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله " أي لا يريدونه ولا يحبونه " فأحبط أعمالهم ".
* أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها (10) ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم (11) إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم (12) وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم (13) يقول تعالى " أفلم يسيروا " يعني المشركين بالله المكذبين لرسوله " في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم " أي عاقبهم بتكذيبهم وكفرهم أي ونجى المؤمنين من بين أظهرهم ولهذا قال تعالى " وللكافرين أمثالها ". ثم قال (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) ولهذا لما قال أبو سفيان صخر بن حرب رئيس المشركين يوم أحد حين سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلم يجب وقال أما هؤلاء فقد هلكوا وأجابه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال كذبت يا عدو الله بل أبقى الله تعالى لك ما يسوءك وإن الذين عددت لاحياء فقال أبو سفيان يوم بيوم بدر والحرب سجال أما إنكم ستجدون مثلة لم آمر بها ولم أنه عنها ذهب يرتجز ويقول ثم * اعل هبل اعل هبل * فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا تجيبوه؟ " قالوا يا رسول الله وما نقول؟ قال صلى الله عليه وسلم قولوا " الله أعلى وأجل " ثم قال أبو سفيان لنا العزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا تجيبوه؟ " قالوا وما نقول يا رسول الله؟ قال قولوا " الله مولانا ولا