واستودعه عند أهل المدينة فكانوا يتوارثونه ويروونه خلفا عن سلف وكان ممن يحفظه أبو أيوب خالد بن زيد الذي نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره وهو شهدت على أحمد أنه رسول من الله باري النسم فلو مد عمري إلى عمره لكنت وزيرا له وابن عم وجاهدت بالسيف أعداءه وفرجت من صدره كل غم وذكر ابن أبي الدنيا أنه حفر قبر بصنعاء في الاسلام فوجدوا فيه امرأتين صحيحتين وعند رؤوسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب: هذا قبر حيي وتميس وروي حيي وتماضر ابنتي تبع ماتتا وهما تشهدان أن لا إله إلا الله ولا تشركان به شيئا وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما وقد ذكرنا في سورة سبأ شعر سبأ في ذلك أيضا قال قتادة ذكر لنا أن كعبا كان يقول في تبع نعت الرجل الصالح ذم الله تعالى قومه ولم يذمه قال وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: لا تسبوا تبعا فإنه قد كان رجلا صالحا. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان حدثنا الوليد حدثنا عبد الله بن لهيعة عن أبي زرعة - يعني عمرو بن جابر الحضرمي - قال سمعت سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم " ورواه الإمام أحمد في مسنده عن حسن بن موسى عن ابن لهيعة به. وقال الطبراني حدثنا أحمد بن علي الأبار حدثنا أحمد بن محمد بن أبي برزة حدثنا مؤمل بن إسماعيل حدثنا سفيان عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسبوا تبعا فإنه قد أسلم " وقال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أدري تبع نبيا كان أم غير نبي " وتقدم بهذا السند من رواية ابن أبي حاتم كما أورده ابن عساكر " لا أدري تبع كان لعينا أم لا " فالله أعلم. ورواه ابن عساكر من طريق زكريا بن يحيى المدني عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا وقال عبد الرزاق أخبرنا عمران أبو الهذيل أخبرني تميم بن عبد الرحمن قال: قال عطاء بن أبي رباح لا تسبوا تبعا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سبه والله تعالى أعلم وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين (38) ما حلقناهما إلا بالحق ولاكن أكثرهم لا يعلمون (39) إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين (40) يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون (41) إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (42) يقول تعالى مخبرا عن عدله وتنزيهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل كقوله جل وعلا " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار " قال تعالى " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم " قال تعالى " إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين " وهو يوم القيامة يفصل الله تعالى فيه بين الخلائق فيعذب الكافرين ويثيب المؤمنين وقوله عز وجل " ميقاتهم أجمعين " أي يجمعهم كلهم أولهم وآخرهم " يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا " أي لا ينفع قريب قريبا كقوله سبحانه وتعالى " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " وكقوله جلت عظمته " ولا يسأل حميم حميما يبصرونهم " أي لا يسأل أخا له عن حاله وهو يراه عيانا. وقوله جل وعلا " ولا هم ينصرون " أي لا ينصر القريب قريبه ولا يأتيه نصره من خارج قال " إلا من رحم الله " أي لا ينفع يومئذ إلا رحمة الله عز وجل بخلقه " إنه هو العزيز الرحيم " أي هو عزيز ذو رحمة واسعة
(١٥٦)