رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ". وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا وهيب أخبرني الحارث عن عمرو بن أبي سويد أنه حدثه عن ابن حجيرة أنه بلغه أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: يا رب خلقك الذين خلقتهم جعلت منهم فريقا في الجنة وفريقا في النار لو ما أدخلتهم كلهم الجنة فقال يا موسى ارفع درعك فرفع قال قد رفعت قال ارفع فرفع فلم يترك شيئا قال يا رب قد رفعت قال ارفع قال قد رفعت إلا مالا خير فيه قال كذلك أدخل خلقي كلهم الجنة إلا مالا خير فيه.
أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحى الموتى وهو على كل شئ قدير (9) وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله ذالكم الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب (10) فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الانعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير (11) له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم (12) يقول تعالى منكرا على المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ومخبرا أنه هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده فإنه هو القادر على إحياء الموتى وهو على كل شئ قدير. ثم قال عز وجل " وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله " أي مهما اختلفتم فيه من الأمور وهذا عام في جميع الأشياء " فحكمه إلى الله " أي هو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كقوله جل وعلا " فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول " " ذلكم الله ربي " أي الحاكم في كل شئ " عليه توكلت وإليه أنيب " أي أرجع في جميع الأمور. وقوله جل جلاله " فاطر السماوات والأرض " أي خالقهما وما بينهما " جعل لكم من أنفسكم أزواجا " أي من جنسكم وشكلكم منة عليكم وتفضلا جعل من جنسكم ذكرا وأنثى " ومن الانعام أزواجا " أي وخلق لكم من الانعام ثمانية أزواج وقوله تبارك وتعالى " يذرؤكم فيه " أي يخلقكم فيه أي في ذلك الخلق على هذه الصفة لا يزال يذرؤكم فيه ذكورا وإناثا خلقا من بعد خلق وجيلا بعد جيل ونسلا بعد نسل من الناس والانعام وقال البغوي يذرؤكم فيه أي في الرحم وقيل في البطن وقيل في هذا الوجه من الخلقة. قال مجاهد نسلا بعد نسل من الناس والانعام وقيل في بمعنى الباء أي يذرؤكم به " ليس كمثله شئ " أي ليس كخالق الأزواج كلها شئ لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له " وهو السميع البصير ": وقوله تعالى " له مقاليد السماوات والأرض " تقدم تفسيره في سورة الزمر وحاصل ذلك أنه المتصرف الحاكم فيهما " يبسط الرزق لمن السماوات والأرض " أي يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء وله الحكمة والعدل التام " إنه لكل شئ عليم ".
* شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب (13) وما تفرقوا فيه إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفى شك منه مريب (14)