تعالى " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " ثم قال عز وجل منتصرا للقرآن ومنتقما ممن عاداه من أهل الكفران " فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا " أي في مقابلة ما اعتمدوه في القرآن وعند سماعه " ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون " أي بشر أعمالهم وسئ أفعالهم أي بشر أعمالهم وسئ أفعالهم " ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون * وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " قال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن مالك بن الحصين الفزاري عن أبيه عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى " اللذين أضلانا " قال إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه وهكذا روى العوفي عن علي رضي الله عنه مثل ذلك وقال السدي عن علي رضي الله عنه فإبليس يدعو به كل صاحب شرك وابن آدم يدعو به كل صاحب كبيرة فإبليس الداعي إلى كل شر من شرك فما دونه وابن آدم الأول كما ثبت في الحديث " ما قتلت نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل ". وقولهم " نجعلهما تحت أقدامنا " أي أسفل منا في العذاب ليكونا أشد عذابا منا ولهذا قالوا " ليكونا من الأسفلين " أي في الدرك الأسفل من النار كما تقدم في الأعراف في سؤال الاتباع من الله تعالى أن يعذب قادتهم أضعاف عذابهم " قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون " أي أنه تعالى قد أعطى كلا منهم ما يستحقه من العذاب والنكال بحسب عمله وإفساده كما قال تعالى " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ".
إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (30) نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم ما تدعون (31) نزلا من غفور رحيم (32) يقول تعالى " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " أي أخلصوا العمل لله وعملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع الله لهم قال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا الجراح حدثنا سلم بن قتيبة أبو قتيبة الشعيري ثنا سهيل بن أبي حازم حدثنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " قد قالها ناس ثم كفر أكثرهم فمن قالها حتى يموت فقد استقام عليها وكذا رواه النسائي في تفسيره والبزار وابن جرير عن عمرو عن علي الفلاس عن سلم بن قتيبة به. وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن الفلاس به ثم قال ابن جرير حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عامر بن سعيد عن سعيد بن عمران قال: قرأت عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه هذه الآية " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " قال هم الذين لم يشركوا بالله شيئا ثم روى من حديث الأسود بن هلال قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما تقولون في هذه الآية " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " قال فقالوا " ربنا الله ثم استقاموا " من ذنب فقال لقد حملتموه على غير المحمل قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا إلى إله غيره. وكذا قال مجاهد وعكرمة والسدي وغير واحد وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الظهراني أخبرنا حفص بن عمر العقدي عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال سئل ابن عباس رضي الله عنهما أي آية في كتاب الله تبارك وتعالى أرخص؟ قال قوله تعالى " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " على شهادة أن لا إله إلا الله وقال الزهري: تلا عمر رضي الله عنه هذه الآية على المنبر ثم قال استقاموا والله لله بطاعته ولم يروغوا روغان الثعالب وقال علي بن أبي طلحة