أحدهما: أنه نصب على المصدر بتقدير وقال قيله وشكا شكواه إلى ربه يعني النبي صلى الله عليه وسلم فانتصب قيله بإضمار قال والثاني: أنه عطف على ما تقدم من قوله * (أنا لا نسمع سرهم ونجواهم... وقيله) * (الزخرف: 80) وذكر الزجاج فيه وجها ثالثا: فقال إنه نصب على موضع الساعة لأن قوله * (وعنده علم الساعة) * معناه أنه علم الساعة، والتقدير علم الساعة، وقيله، ونظيره قولك عجبت من ضرب زيد وعمرا، وأما القراءة بالجر فقال الأخفش والفراء والزجاج إنه معطوف على الساعة، أي عنده علم الساعة، وعلم قيله يا رب، قال المبرد العطف على المنصوب حسن وإن تباعد المعطوف من المعطوف عليه لأنه يجوز أن يفصل بين المنصوب وعامله والمجرور يجوز ذلك فيه على قبح، وأما القراءة بالرفع ففيها وجهان الأول: أن يكون * (وقيله) * مبتدأ وخبره ما بعده والثاني: أن يكون معطوفا على علم الساعة على تقدير حذف المضاف معناه وعنده علم الساعة وعلم قيله، قال صاحب " الكشاف ": هذه الوجوه ليست قوية في المعنى لا سيما وقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا، ثم ذكر وجها آخر وزعم أنه أقوى مما سبق، وهو أن يكون النصب والجر على إضمار حرف القسم وحذفه والرفع على قولهم أيمن الله وأمانة الله ويمين الله، يكون قوله * (إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) * جواب القسم كأنه قيل وأقسم بقيله يا رب أو وقيله يا رب قسمي، وأقوله هذا الذي ذكره صاحب " الكشاف " متكلف أيضا وههنا إضمار امتلأ القرآن منه وهو إضمار أذكر، والتقدير واذكر قيله يا رب، وأما القراءة بالجر، فالتقدير واذكر وقت قيله يا رب، وإذا وجب التزام الإضمار فلأن يضمر شيئا جرت العادة في القرآن بالتزام إضمار أولى من غيره، وعن ابن عباس أنه قال في تفسير قوله * (وقيله يا رب) * المراد وقيل يا رب والهاء زيادة.
البحث الثاني: القيل مصدر كالقول، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " نهى عن قيل وقال " قال الليث تقول العرب كثر فيه القيل والقال، وروى شمر عن أبي زيد يقال ما أحسن قيلك وقولك وقالك ومقالتك خمسة أوجه.
البحث الثالث: الضمير في قيله لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
البحث الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضجر منهم وعرف إصرارهم أخبر عنهم أنهم قوم لا يؤمنون وهو قريب مما حكى الله عن نوح أنه قال: * (رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا) * (نوح: 21).
ثم إنه تعالى قال له: * (فاصفح عنهم) * فأمره بأن يصفح عنهم وفي ضمنه منعه من أن يدعو عليهم بالعذاب، والصفح هو الإعراض.
ثم قال: * (وقل سلام) * قال سيبويه إنما معناه المتاركة، ونظيره قول إبراهيم لأبيه * (سلام عليك