أسورة من ذهب أو جآء معه الملائكة مقترنين * فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين * فلمآ ءاسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين * فجعلناهم سلفا ومثلا للاخرين) *.
في الآية مسائل: المسألة الأولى: اعلم أن المقصود من إعادة قصة موسى عليه السلام وفرعون في هذا المقام تقرير الكلام الذي تقدم، وذلك لأن كفار قريش طعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بسبب كونه فقيرا عديم المال والجاه، فبين الله تعالى أن موسى عليه السلام بعد أن أورد المعجزات القاهرة الباهرة التي لا يشك في صحتها عاقل أورد فرعون عليه هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال: إني غني كثير المال والجاه، ألا ترون أنه حصل لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، وأما موسى فإنه فقير مهين وليس له بيان ولسان، والرجل الفقير كيف يكون رسولا من عند الله إلى الملك الكبير الغني، فثبت أن هذه الشبهة التي ذكرها كفار مكة وهي قولهن * (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) * (الزخرف: 31) وقد أوردها بعينها فرعون على موسى، ثم إنا انتقمنا منهم فأغرقناهم، والمقصود من إيراد هذه القصة تقرير أمرين أحدهما: أن الكفار والجهال أبدا يحتجون على الأنبياء بهذه الشبهة الركيكة فلا يبالي بها ولا يلتفت إليها والثاني: أن فرعون على غاية كمال حاله في الدنيا صار مقهورا باطلا، فيكون الأمر في حق أعدائك هكذا، فثبت أنه ليس المقصود من إعادة هذه القصة عين هذه القصة، بل المقصود تقرير الجواب عن الشبهة المذكورة، وعلى هذا فلا يكون هذا تقريرا للقصة البتة وهذا من نفائس الأبحاث والله أعلم.
المسألة الثانية: في تفسير الألفاظ ذكر تعالى أنه أرسل موسى بآياته وهي المعجزات التي كانت مع موسى عليه السلام إلى فرعون وملائه أي قومه، فقال موسى إني رسول رب العالمين، فلما جاءهم بتلك الآيات إذا هم منها يضحكون، قيل إنه لما ألقى عصاه صار ثعبانا، ثم أخذ فعاد عصا كما كان ضحكوا، ولم عرض عليهم اليد البيضاء ثم عادت كما كانت ضحكوا، فإن قيل كيف جاز أن يجاب عن لما بإذا الذي يفيد المفاجأة؟ قلنا لأن فعل المفاجأة معها مقدر كأنه قيل فلما جاءهم بآياتنا فاجأوا وقت ضحكهم.