الارض إلا من شآء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجىء بالنبيين والشهدآء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون) *.
واعلم أنه تعالى لما حكى عن المشركين أنهم أمروا الرسول بعبادة الأصنام، ثم إنه تعالى أقام الدلائل على فساد قولهم وأمر الرسول بأن يعبد الله ولا يعبد شيئا آخر سواه، بين أنهم لو عرفوا الله حق معرفته لما جعلوا هذه الأشياء الخسيسة مشاركة له المعبودية، فقال: * (وما قدروا الله حق قدره) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: احتج بعض الناس بهذه الآية على أن الخلق لا يعرفون حقيقة الله، قالوا لأن قوله * (وما قدروا الله حق قدره) * يفيد هذا المعنى إلا أنا ذكرنا أن هذا صفة حال الكفار فلا يلزم من وصف الكفار بأنهم ما قدروا الله حق قدرن وصف المؤمنين بذلك، فسقط هذا الكلام.
المسألة الثانية: قوله * (وما قدروا الله حق قدره) * يفيد هذا المعنى إلا أنا ذكرنا أن هذا صفة حال الكفار فلا يلزم من وصف الكفار بأنهم ما قدروا الله حق قدره وصف المؤمنين بذلك، فسقط هذا الكلام. المسألة الثانية: قوله * (وما قدروا الله حق قدره) * أي ما عظموه حق تعظيمه، وهذه الآية مذكورة في سور ثلاث، في سورة الأنعام، وفي سورة الحج، وفي هذه السورة. واعلم أنه تعالى لما بين أنهم ما عظموه تعظيما لائقا به أردفه بما يدل على كمال عظمته ونهاية جلالته، فقال: * (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه) * قال القفال: * (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة) * كقول القائل وما قدرتني حق قدري وأنا الذي فعلت كذا وكذا، أي لما عرفت أن حالي وصفتي هذا الذي ذكرت، فوجب أن لا تحطني عن قدري ومنزلتي، ونظيره قوله تعالى: * (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم) * (البقرة: 28) أي كيف تكفرون بمن هذا وصفه وحال ملكه فكذا ههنا، والمعنى * (وما قدروا الله حق قدره) * إذ زعموا أن له شركاء وأنه لا يقدر على إحياء الموتى مع أن الأرض والسماوات في قبضته وقدرته، قال صاحب " الكشاف " الغرض من هذا الكلام إذا أخذته كما هو بجملته ومجموعه تصوير عظمته