قد تبين أمر القوم وأمور القوم، قال أبو علي الفارسي: الإفراد للمصدر ووجه الجمع أن المصادر قد تجمع إذا اختلفت أجناسها، كقوله تعالى: * (وتظنون بالله الظنونا) * (الأحزاب: 10) ولا شك أن لكل متق نوعا آخر عن المفازة.
المسألة الثانية: المفازة مفعلة من الفوز وهو السعادة، فكأن المعنى أن النجاة في القيامة حصلت بسبب فوزهم في الدنيا بالطاعات والخيرات، فعبر عن الفوز بأوقاتها ومواضعها.
ثم قال: * (لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) * والمراد أنه كالتفسير لتلك النجاة، كأنه قيل كيف ينجيهم؟ فقيل: * (لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) * وهذه كلمة جامعة لأنه إذا لا يمسه السوء كان فارغ البال بحسب الحال عما وقع في قلبه بسبب فوات الماضي، فحينئذ يظهر أنه سلم عن كل الآفات، ونسأل الله الفوز بهذه الدرجات بمنه وكرمه.
المسألة الثالثة: دلت الآية على أن المؤمنين لا ينالهم الخوف والرعب في القيامة، وتأكد هذا بقوله * (لا يحزنهم الفزع الأكبر) * (الأنبياء: 103).
قوله تعالى * (الله خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل * له مقاليد السماوات والارض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون * قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون * ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين * بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) *.
واعلم أنه لما أطال الكلام في شرح الوعد والوعيد عاد إلى دلائل الإلهية والتوحيد، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قد ذكرنا في سورة الأنعام أن أصحابنا تمسكوا بقوله تعالى: * (خالق كل شيء) * (الأنعام: 102) على أن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى، وأطنبنا هناك في الأسئلة والأجوبة، فلا فائدة ههنا