اتفاقه في هذا الكلام، وتمكن الفاصلة (1)، وملاءمته لما قبله، وذلك قوله:
(فانظري ماذا تأمرين؟).
/ ثم إلى هذا الاختصار، وإلى البيان مع الايجاز. فإن الكلام قد يفسده الاختصار، ويعميه التخفيف منه والايجاز، وهذا مما يزيده الاختصار بسطا لتمكنه ووقوعه، ويتضمن الايجاز منه تصرفا يتجاوز محله وموضعه.
وكم جئت إلى كلام مبسوط يضيق عن الافهام، ووقعت على حديث طويل يقصر عما يراد به من (2) التمام، ثم لو وقع على الافهام [والتمام، أخل بما] (3) يجب فيه من شروط الاحكام، أو بمعاني القصة وما تقتضي من الاعظام.
ثم لو ظفرت بذلك كله، رأيته ناقصا في وجه الحكمة، أو مدخولا في باب السياسة، أو مضعوفا (4) في طريق السيادة، أو مشترك العبارات إن كان مستجود المعنى، [أو مستجود العبارة مشترك المعنى] (5)، أو جيد البلاغة مستجلب (6) المعنى، أو مستجلب البلاغة جيد المعنى، أو مستنكر اللفظ وحشى العبارة، أو مستبهم الجانب مستكره الوضع.
وأنت لا تجد في جميع ما تلونا عليك إلا ما إذا بسط أفاد، وإذا اختصر كمل في بابه وجاد، وإذا سرح الحكيم في جوانبه طرف / خاطره (7)، وبعث العليم في أطرافه عيون مباحثه، لم يقع إلا على محاسن تتوالى، وبدائع تترى (8).
ثم فكر بعد ذلك في آية آية، أو كلمة كلمة، في قوله: (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون (9)).
هذه الكلمات الثلاث، كل واحدة منها كالنجم في علوه ونوره، وكالياقوت