وقوله: " تصد وتبدي عن أسيل ": متفاوت، لان الكشف عن الوجه مع الوصل دون الصد.
وقوله: " تتقى بناظرة ": لفظة مليحة، ولكن أضافها إلى ما نظم به (1) كلامه، وهو مختل، وهو قوله: " من وحش وجرة "! وكان يجب أن تكون العبارة بخلاف هذا، كان من سبيله أن يضيف إلى عيون الظباء أو المها دون إطلاق الوحش، ففيهن ما تستنكر عيونها.
/ وقوله " مطفل " فسروه على أنها ليست بصبية، وأنها قد استحكمت، وهذا اعتذار متعسف. وقوله " مطفل ": زيادة لا فائدة فيها على هذا التفسير الذي ذكره الأصمعي. ولكن قد يحتمل - عندي - أن يفيد (2) غير هذه الفائدة، فيقال: إنها إذا كانت مطفلا لحظت أطفالها بعين رقة، ففي نظر هذه رقة نظر المودة، ويقع الكلام معلقا تعليقا متوسطا.
وأما البيت الثاني فمعنى قوله: " ليس بفاحش ": أي ليس بفاحش الطول.
ومعنى قوله: " نصته ": رفعته. ومعنى قوله: " ليس بفاحش " - في مدح الأعناق - كلام فاحش موضوع منه! وإذا نظرت في أشعار العرب رأيت في وصف الأعناق ما يشبه السحر، فكيف وقع على هذه الكلمة، ودفع إلى هذه اللفظة؟! وهلا قال كقول أبى نواس:
مثل الظباء سمت إلى * روض صوادر عن غدير (3) * * * ولست أطول عليك فتستثقل، ولا أكثر القول في ذمه فتستوحش.
/ وأكلك الآن إلى جملة من القول، فإن كنت من أهل الصنعة، فطنت واكتفيت وعرفت ما رمينا إليه واستغنيت.
وإن كنت عن الطبقة خارجا، وعن (4) الاتقان بهذا الشأن خاليا - فلا يكفيك البيان، وإن (5) استقرينا جميع شعره، وتتبعنا عامة ألفاظه، ودللنا (6) على ما في كل حرف منه.