مكر مفر مقبل مدبر معا * كجلمود صخر حطه السيل من عل (1) وقوله أيضا:
له أبطلا ظبي وساقا نعامة * وإرخاء سرحان وتقريب تتفل (2) فأما قوله " قيد الأوابد "، فهو مليح، ومثله في كلام الشعراء وأهل الفصاحة كثير، والتعمل بمثله (3) ممكن.
وأهل زماننا الآن يصنفون نحو هذا تصنيفا، ويؤلفون المحاسن تأليفا، يوشحون به كلامهم. والذين كانوا من قبل - لغزارتهم (4) - / وتمكنهم - لم يكونوا يتصنعون لذلك، وإنما كان يتفق لهم اتفاقا، ويطرد في كلامهم اطرادا.
وأما قوله في وصفه: " مكر مفر "، فقد جمع فيه طباقا وتشبيها.
وفى سرعة جرى الفرس للشعراء ما هو أحسن من هذا وألطف.
وكذلك في جمعه بين أربعة وجوه من التشبيه في بيت واحد - صنعة.
ولكن قد عورض فيه وزوحم [عليه] (5) والتوصل إليه يسير، وتطلبه (6) سهل قريب.
وقد بينا لك أن هذه القصيدة ونظائرها تتفاوت في أبياتها تفاوتا بينا في الجودة والرداءة، والسلاسة والانعقاد، والسلامة والانحلال، والتمكن [والاستصعاب] (7) والتسهل والاسترسال، والتوحش والاستكراه، وله شركاء في نظائرها، ومنازعون في محاسنها، ومعارضون في بدائعها. ولا سواء كلام ينحت من الصخر تارة، ويذوب تارة، ويتلون تلون الحرباء، ويختلف اختلاف الأهواء، ويكثر في تصرفه اضطرابه، وتتقاذف (8) به أسبابه. وبين قول يجرى في سبكه على نظام، وفى رصفه على منهاج، وفى وضعه على حد، وفى صفائه على باب، وفى