إثرنا "، ولو قال " على إثرنا " كان كافيا، والذيل إنما يجر (1) وراء الماشي، فلا فائدة لذكره " وراءنا "، وتقدير القول: فقمت أمشى بها، وهذا أيضا ضرب من التكلف.
وقوله " أذيال مرط "، كان من سبيله أن يقول: ذيل مرط.
على أنه لو سلم من ذلك كان قريبا ليس مما يفوت بمثله غيره، ولا يتقدم به سواه. وقول ابن المعتز أحسن منه:
/ فبت أفرش خدي في الطريق له * ذلا وأسحب أكمامي على الأثر (2) وأما البيت الثاني فقوله " أجزنا " بمعنى " قطعنا "، و " الخبت ":
بطن من الأرض، و " الحقف ": رمل منعرج، " العقنقل ": المنعقد من الرمل الداخل بعضه في بعض.
وهذا بيت متفاوت (3) مع الأبيات المتقدمة، لان فيها ما هو سلس (4) قريب يشبه كلام المولدين وكلام البذلة، وهذا قد أغرب فيه وأتى بهذه اللفظة الوحشية المتعقدة، وليس في ذكرها والتفضيل بإلحاقها بكلامه (5) فائدة.
والكلام الغريب واللفظة الشديدة المباينة (6) لنسج الكلام قد تحمد إذا وقعت موقع الحاجة في وصف ما يلائمها، كقوله عز وجل في وصف يوم القيامة:
(يوما عبوسا قمطريرا) (7). فأما إذا وقعت في غير هذا الموقع، فهي مكروهة مذمومة، بحسب ما تحمد في موضعها.
وروى أن جريرا أنشد بعض خلفاء بنى أمية قصيدته (8):
بان الخليط برامتين فودعوا * أو كلما جدوا لبين تجزع؟
/ كيف العزاء ولم أجد مذ بنتم * قلبا يقر ولا شرابا ينقع (9) قال: وكان يزحف من حسن هذا الشعر، حتى بلغ قوله:
وتقول بوزع: قد دببت على العصا * هلا هزئت بغيرنا يا بوزع