الذرابة والسلاقة (1)، والمعرفة بوجوه الفصاحة، وهو يستطيل عليهم بأنهم عاجزون عن مباراته، وأنهم يضعفون عن مجاراته. ويكرر (2) فيما جاء به ذكر عجزهم عن مثل ما يأتي به، ويقرعهم ويؤنبهم عليه، ويدرك آماله فيهم، وينجح ما سعى له في تركهم (3) المعارضة.
وهو يذكر فيما يتلوه تعظيم شأنه، وتفخيم أمره، حتى يتلو قوله تعالى:
(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) (4)، وقوله: (ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون) (5)، وقوله: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم)، (6) وقوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (7)، وقوله: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) (8) وقوله: (هدى للمتقين) (9)، وقوله: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) (10).
إلى غير ذلك من الآيات التي تتضمن تعظيم شأن القرآن. فمنها ما يتكرر في السورة في مواضع منها، ومنها ما ينفرد فيها. وذلك مما يدعوهم إلى المباراة، ويحضهم على المعارضة، وإن لم يكن متحديا إليه.
ألا ترى أنهم قد ينافر شعراؤهم بعضهم بعضا؟ ولهم في ذلك مواقف معروفة، وأخبار مشهورة، وآثار منقولة مذكورة (11). وكانوا يتنافسون على الفصاحة والخطابة والذلاقة، ويتبجحون بذلك، ويتفاخرون بينهم.