بهذا في آبائنا الأولين) (1) وقالوا: (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون) (2) وقالوا: (أفتأتون السحر وأنتم تبصرون) (3) وقالوا:
(أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون) (4)، وقال: (وقال الذين كفروا: إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون، فقد جاءوا ظلما وزورا، وقالوا:
أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة / وأصيلا) (5)، (وقال الظالمون:
إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) (6)، وقوله: (الذين جعلوا القرآن عضين) (7).
إلى آيات كثيرة في نحو هذا، تدل على أنهم كانوا متحيرين في أمرهم، متعجبين من عجزهم، يفزعون إلى نحو هذه الأمور: من تعليل وتعذير، ومدافعة بما وقع التحدي إليه، ووجد (8) الحث عليه.
وقد علم منهم أنهم ناصبوه الحرب، وجاهدوه (9) ونابذوه، وقطعوا الأرحام، وأخطروا بأنفسهم، وطالبوه بالآيات والاتيان [بالملائكة] وغير ذلك من المعجزات، يريدون تعجيزه ليظهروا عليه بوجه من الوجوه.
فكيف يجوز أن يقدروا على معارضته القريبة السهلة عليهم - وذلك يدحض حجته، ويفسد دلالته، ويبطل أمره - فيعدلون عن ذلك إلى سائر ما صاروا إليه من الأمور التي ليس عليها مزيد في المنابذة والمعاداة، ويتركون الامر الخفيف؟!
هذا مما يمتنع وقوعه في العادات، ولا يجوز اتفاقه (10) من العقلاء.
وإلى هذا [الموضع] قد استقصى أهل العلم الكلام، وأكثروا في هذا المعنى وأحكموه.
/ ويمكن أن يقال: إنهم لو كانوا قادرين على معارضته والاتيان بمثل ما أتى به، لم يجز أن يتفق منهم ترك المعارضة، وهم على ما هم عليه من