المثل بمن خالف الآيات، وجحد الدلالات والمعجزات، فقال: (أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم، كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض، فأخذهم الله بذنوبهم، وما كان لهم من الله من واق).
ثم بين أن عاقبتهم صارت إلى السوآى، بأن رسلهم كانت تأتيهم بالبينات، وكانوا لا يقبلونها منهم. فعلم أن ما قدم ذكره في السورة بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر قصة موسى ويوسف عليهما السلام، ومجيئهما بالبينات، ومخالفتهم حكمها، إلى أن قال تعالى: (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا، كذلك يطبع الله / على كل قلب متكبر جبار). فأخبر أن جدالهم في هذه الآيات لا يقع بحجة، وإنما يقع عن جهل، وأن الله يطبع على قلوبهم، ويصرفهم عن تفهم وجه البرهان. لجحودهم وعنادهم واستكبارهم.
ثم ذكر كثيرا من الاحتجاج على التوحيد، ثم قال تعالى: (ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون).
ثم بين هذه الجملة، وأن من آياته الكتاب، فقال: (الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون). إلى أن قال: (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله).
فدل على أن الآيات على ضربين: أحدهما كالمعجزات التي هي أدلة (1) في دار التكليف، والثاني الآيات التي ينقطع عندها العذر، ويقع عندها العلم الضروري، وأنها إذا جاءت ارتفع التكليف، ووجب الاهلاك.
إلى أن قال تعالى: (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا). فأعلمنا أنه قادر على هذه الآيات، ولكنه إذا أقامها زال التكليف، وحقت العقوبة على الجاحدين.