البلاد) فدل على أن الجدال في تنزيله كفر وإلحاد.
ثم أخبر بما وقع (1) من تكذيب الأمم برسلهم، بقوله عز وجل:
(كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم، وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق) فتوعدهم بأنه آخذهم في الدنيا بذنبهم في تكذيب الأنبياء.
ورد براهينهم فقال تعالى: (فأخذتهم فكيف كان عقاب).
ثم توعدهم بالنار، فقال تعالى: (وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار).
ثم عظم شأن المؤمنين بهذه الحجة، بما أخبر من استغفار الملائكة لهم، وما وعدهم عليه من المغفرة، فقال تعالى: (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا:
ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم). فلولا أنه برهان قاهر لم يذم الكفار على العدول عنه، ولم يحمد المؤمنين على المصير إليه.
ثم ذكر تمام الآيات في دعاء الملائكة للمؤمنين، ثم عطف على وعيد الكافرين، فذكر آيات، ثم قال: (هو الذي يريكم آياته). فأمر بالنظر في آياته وبراهينه، إلى أن قال: (رفيع الدرجات ذو العرش، يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده، لينذر يوم التلاق) / فجعل القرآن والوحي به كالروح، لأنه يؤدى إلى حياة الأبد، ولأنه لا فائدة للجسد من دون الروح. فجعل هذا الروح سببا (2) للإنذار، وعلما عليه، وطريقا إليه. ولولا أن ذلك برهان بنفسه لم يصح أن يقع به الانذار والاخبار عما يقع عند مخالفته، ولم يكن الخبر عن الواقع في الآخرة عند ردهم دلالته (3) من الوعيد - حجة ولا معلوما صدقه، فكان لا يلزمهم قبوله.
فلما خلص من الآيات في ذكر الوعيد على ترك القبول، ضرب لهم