وقوله: ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين يعني تعالى ذكره: ثم استوى إلى السماء، ثم ارتفع إلى السماء. وقد بينا أقوال أهل العلم في ذلك فيما مضى قبل.
وقوله: فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها يقول جل ثناؤه: فقال الله للسماء والأرض: جيئا بما خلقت فيكما، أما أنت يا سماء فأطلعي ما خلقت فيك من الشمس والقمر والنجوم، وأما أنت يا أرض فأخرجي ما خلقت فيك من الأشجار والثمار والنبات، وتشققي عن الأنهار قالتا أتينا طائعين جئنا بما أحدثت فينا من خلقك، مستجيبين لأمرك لا نعصي أمرك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23497 حدثنا أبو هشام، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن مجاهد، عن ابن عباس، فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين قال: قال الله للسموات: أطلعي شمسي وقمري، وأطلعي نجومي، وقال للأرض: شققي أنهارك واخرجي ثمارك، فقالتا: أعطينا طائعين.
23498 حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن ابن جريج، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس، في قوله ائتنا: أعطيا. وفي قوله: قالتا أتيا قالتا: أعطينا.
وقيل: أتينا طائعين، ولم يقل طائعتين، والسماء والأرض مؤنثتان، لان النون والألف اللتين هما كناية أسمائهما في قوله أتينا نظيره كناية أسماء المخبرين من الرجال عن أنفسهم، فأجرى قوله طائعين على ما جرى به الخبر عن الرجال كذلك. وقد كان بعض أهل العربية يقول: ذهب به إلى السماوات والأرض ومن فيهن.
وقال آخرون منهم: قيل ذلك كذلك لأنهما لما تكلمتا أشبهتا الذكور من بني آدم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم) *.