وقوله هذا عذب فرات الفرات: شديد العذوبة، يقال: هذا ماء فرات: أي شديد العذوبة. وقوله وهذا ملح أجاج يقول: وهذا ملح مر. يعني بالعذب الفرات: مياه الأنهار والأمطار، وبالملح الأجاج: مياه البحار.
وإنما عنى بذلك أنه من نعمته على خلقه، وعظيم سلطانه، يخلط ماء البحر العذب بماء البحر الملح الأجاج، ثم يمنع الملح من تغيير العذب عن عذوبته، وإفساده إياه بقضائه وقدرته، لئلا يضر إفساده إياه يركبان الملح منهما، فلا يجدوا ماء يشربونه عند حاجتهم إلى الماء، فقال جل ثناؤه: وجعل بينهما برزخا يعني حاجزا يمنع كل واحد منهما من إفساد الآخر وحجرا محجورا يقول: وجعل كلج واحد منهما حراما محرما على صاحبه أن يغيره أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20055 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج يعني أنه خلق أحدهما على الآخر، فليس يفسد العذب المالح، وليس يفسد المالح العذب، وقوله وجعل بينهما برزخا قال: البرزخ: الأرض بينهما وحجرا محجورا يعني: حجر أحدهما على الآخر بأمره وقضائه، وهو مثل قوله وجعل بين البحرين حاجزا.
20056 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وجعل بينهما برزخا قال: محبسا. قوله: وحجرا محجورا قال: لا يختلط البحر العذب.
20057 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد وجعل بينهما برزخا قال: حاجزا لا يراه أحد، لا يختلط العذب في البحر. قال ابن جريج: فلم أجد بحرا عذبا إلا الأنهار العذاب، فإن دجلة تقع في البحر، فأخبرني الخبير بها أنها تقع في البحر، فلا تمور فيه: بينهما مثل الخيط الأبيض فإذا رجعت لم ترجع في طريقها من البحر، والنيل يصب في البحر:
20058 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن مجاهد وجعل بينهما برزخا قال: البرزخ أنهما يلتقيان فلا يختلطان،