وقال آخرون: بل فعل ذلك سليمان ليعاتبها به، ويختبر به عقلها، هل تثبته إذا رأته، أم تنكره؟ ذكر من قال ذلك:
20526 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: أعلم الله سليمان أنها ستأتيه، فقال: أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين حتى يعاتبها، وكانت الملوك يتعاتبون بالعلم.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله قبل أن يأتوني مسلمين فقال بعضهم: معناه:
قبل أن يأتوني مستسلمين طوعا. ذكر من قال ذلك:
20527 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله وقبل أن يأتوني مسلمين يقول: طائعين.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: قبل أن يأتوني مسلمين الاسلام الذي هو دين الله. ذكر من قال ذلك:
20528 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين بحرمة الاسلام فيمنعهم وأموالهم، يعني الاسلام يمنعهم.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في السبب الذي من أجله خص سليمان بسؤاله الملا من جنده بإحضاره عرش هذه المرأة دون سائر ملكها عندنا، ليجعل ذلك حجة عليها في نبوته، ويعرفها بذلك قدرة الله وعظيم شأنه، أنها خلفته في بيت في جوف أبيات، بعضها في جوف بعض، مغلق مقفل عليها، فأخرجه الله من ذلك كله، بغير فتح أغلاق وأقفال، حتى أوصله إلى ولية من خلقه، وسلمه إليه، فكان لها في ذلك أعظم حجة، على حقيقة ما دعا لها إليه سليمان، وعلى صدق سليمان فيما أعلمها من نبوته.
فأما الذي هو أولى التأويلين في قوله قبل أن يأتوني مسلمين بتأويله، فقول ابن عباس الذي ذكرناه قبل، من أن معناه طائعين، لأن المرأة لم تأت سليمان إذ أتته مسلمة، وإنما أسلمت بعد مقدمها عليه وبعد محاورة جرت بينهما ومسألة.) وقوله: قال عفريت من الجن يقول تعالى ذكره: قال رئيس من الجن مارد قوي.
وللعرب فيه لغتان: عفريت، وعفرية فمن قال: عفرية، جمعه: عفاري ومن قال:
عفريت، جمعه: عفاريت. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: