وقوله: قال أتمدونن بمال يقول: قال سليمان لما جاء الرسول من قبل المرأة بهداياها: أتمدونن بمال. واختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قراء أهل المدينة أتمدنني بنونين، وإثبات الياء. وقرأه بعض الكوفيين مثل ذلك، غير أنه حذف الياء من آخر ذلك وكسر النون الأخيرة. وقرأه بعض قراء البصرة بنونين، وإثبات الياء في الوصل وحذفها في الوقف. وقرأه بعض قراء الكوفة بتشديد النون وإثبات الياء. وكل هذه القراءات متقاربات وجميعها صواب، لأنها معروفة في لغات العرب، مشهورة في منطقها.
وقوله: فما آتاني الله خير مما آتاكم يقول: فما آتاني الله من المال والدنيا أكثر مما أعطاكم منها وأفضل بل أنتم بهديتكم تفرحون يقول: ما أفرح بهديتكم التي أهديتم إلي، بل أنتم تفرحون بالهدية التي تهدى إليكم، لأنكم أهل مفاخرة بالدنيا، ومكاثرة بها، وليست الدنيا وأموالها من حاجتي، لان لله تعالى ذكره قد مكنني منها وملكني فيها ما لم يملك أحدا ارجع إليهم وهذا قول سليمان لرسول المرأة ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها لا طاقة لهم بها ولا قدرة لهم على دفعهم عما أرادوا منهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20516 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه، قال: لما أتت الهدايا سليمان فيها الوصائف والوصفاء، والخيل العراب، وأصناف من أصناف الدنيا، قال للرسل. الذين جاءوا به: أتمدونن بمال فما آتاني خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون لأنه لا حاجة لي بهديتكم، وليس رأيي فيه كرأيكم، فارجعوا إليها بما جئتم به من عندها، فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها.
20517 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها قال: لا طاقة لهم بها.
وقوله ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون يقول: ولنخرجن من أرسلكم من أرضهم أذلة وهم صاغرون إن لم يأتوني مسلمين. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20518 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه: ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون، أو لتأتيني مسلمة هي وقومها. القول في تأويل قوله تعالى: