أبي صالح وإني مرسلة إليهم بهدية قال: أرسلت بلبنة من ذهب، وقالت: إن كان يريد الدنيا علمته، وإن كان يريد الآخرة علمته.
وقوله: فناظرة بم يرجع المرسلون تقول: فأنظر بأي شئ من خبره وفعله في هديتي التي أرسلها إليه ترجع رسلي، أبقبول وانصراف عنا، أم برد الهدية والثبات على مطالبتنا باتباعه على دينه؟ وأسقطت الألف من ما في قوله بم وأصله: بما، لان العرب إذا كانت ما بمعنى: أي، ثم وصلوها بحرف خافض أسقطوا ألفها تفريقا بين الاستفهام وغيره، كما قال جل ثناؤه عم يتساءلون وقالوا: فيم كنتم، وربما أثبتوا فيها الألف، كما قال الشاعر:
علاما قام يشتمني لئيم * كخنزير تمرغ في تراب وقالت وإني مرسلة إليهم وإنما أرسلت إلى سليمان وحده على النحو الذي بينا في قوله: على خوف من فرعون وملئهم.
وقوله: فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال.
إن قال قائل: وكيف قيل: فلما جاء سليمان فجعل الخبر في مجئ سليمان عن واحد، وقد قال قبل ذلك فناظرة بم يرجع المرسلون فإن كان الرسول كان واحدا، فكيف قيل بم يرجع المرسلون وإن كانوا جماعة فكيف قيل: فلما جاء سليمان؟
قيل: هذا نظير ما قد بينا قبل من إظهار العرب الخبر في أمر كان من واحد على وجه الخبر، عن جماعة إذا لم يقصد قصد الخبر عن شخص واحد بعينه، يشار إليه بعينه، فسمي في الخبر. وقد قيل: إن الرسول الذي وجهته ملكة سبأ إلى سليمان كان امرأ واحدا، فلذلك قال: فلما جاء سليمان يراد به: فلما جاء الرسول سليمان واستدل قائلو ذلك على صحة ما قالوا من ذلك بقوله سليمان للرسول: ارجع إليهم وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله. فلما جاءوا سليمان على الجمع، وذلك للفظ قوله: بم يرجع المرسلون فصلح الجمع للفظ والتوحيد للمعنى.