قال: قوله يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون قال: لا يخيف الله الأنبياء إلا بذنب يصيبه أحدهم، فإن أصابه أخافه حتى يأخذه منه.
20440 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عبد الله الفزاري، عن عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر، عن الحسن، قال: قوله: يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم قال: إني إنما أخفتك لقتلك النفس، قال: وقال الحسن: كانت الأنبياء تذنب فتعاقب.
واختلف أهل العربية في وجه دخول إلا في هذا الموضع، وهو استثناء مع وعد الله الغفران المستثنى من قوله: إني لا يخاف لدي المرسلون بقوله: فإني غفور رحيم.
وحكم الاستثناء أن يكون ما بعده بخلاف معنى ما قبله، وذلك أن يكون ما بعده إن كان ما قبله منفيا مثبتا كقوله: ما قام إلا زيد، فزيد مثبت له القيام، لأنه مستثنى مما قبل إلا، وما قبل إلا منفي عنه القيام، وأن يكون ما بعده إن كان ما قبله مثبتا منفيا كقولهم: قام القوم إلا زيدا فزيد منفي عنه القيام ومعناه: إن زيدا لم يقم، والقوم مثبت لهم القيام، (إلا من ظلم، ثم بدل حسنا بعد سوء)، فقد أمنه الله بوعده الغفران والرحمة، وأدخله في عداد من لا يخاف لديه من المرسلين. فقال بعض نحويي البصرة: أدخلت إلا في هذا الموضع، لان إلا تدخل في مثل هذا الكلام، كمثل قول العرب: ما أشتكي إلا خيرا فلم يجعل قوله: إلا خيرا على الشكوى، ولكنه علم أنه إذا قال: ما أشتكي شيئا أن يذكر عن نفسه خيرا، كأنه قال: ما أذكر إلا خيرا.
وقال بعض نحويي الكوفة: يقول القائل: كيف صير خائفا من ظلم، ثم بدل حسنا بعد سوء، وهو مغفور له؟ فأقول لك: في هذه الآية وجهان: أحدهما أن يقول: إن الرسل معصومة مغفور لها آمنة يوم القيامة، ومن خلط عملا صالحا وآخر سيئا فهو يخاف ويرجو، فهذا وجه. والآخر: أن يجعل الاستثناء من الذين تركوا في الكلمة، لان المعنى: لا يخاف لدي المرسلون، إنما الخوف على من سواهم، ثم استثنى فقال: إلا من ظلم ثم بدل حسنا يقول: كان مشركا، فتاب من الشرك، وعمل حسنا، فذلك مغفور له، وليس يخاف. قال: وقد قال بعض النحويين: إن إلا في اللغة بمنزلة الواو، وإنما معنى هذه الآية: لا يخاف لدي المرسلون، ولا من ظلم ثم بدل حسنا، قال: وجعلوا مثله كقول الله:
لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم قال: ولم أجد العربية تحتمل ما