حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال النبي (ص) لعائشة: إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا: نرجعك إلى الدنيا؟ فيقول:
إلى دار الهموم والأحزان؟ فيقول: بل قدماني إلى الله. وأما الكافر فيقال: نرجعك؟ فيقول:
لعلي أعمل صالحا فما تركت... الآية.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون: يعني أهل الشرك.
وقيل: رب ارجعون، فابتدأ الكلام بخطاب الله تعالى، ثم قيل: ارجعون، فصار إلى خطاب الجماعة، والله تعالى ذكره واحد. وإنما فعل ذلك كذلك، لان مسألة القوم الرد إلى الدنيا إنما كانت منهم للملائكة الذين يقبضون روحهم، كما ذكر ابن جريج أن النبي (ص) قاله. وإنما ابتدئ الكلام بخطاب الله جل ثناؤه، لأنهم استغاثوا به، ثم رجعوا إلى مسألة الملائكة الرجوع والرد إلى الدنيا.
وكان بعض نحويي الكوفة يقول: قيل ذلك كذلك، لأنه مما جرى على وصف الله نفسه من قوله: وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا في غير مكان من القرآن، فجرى هذا على ذاك.
وقوله: كلا يقول تعالى ذكره: ليس الامر على ما قال هذا المشرك لن يرجع إلى الدنيا ولن يعاد إليها. إنها كلمة هو قائلها يقول: هذه الكلمة، وهو قوله: رب ارجعون كلمة هو قائلها يقول: هذا المشرك هو قائلها. كما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
كلا إنها كلمة هو قائلها لا بد له أن يقولها.
ومن ورائهم برزخ يقول: ومن أمامهم حاجز يحجز بينهم وبين الرجوع، يعني إلى يوم يبعثون من قبورهم، وذلك يوم القيامة والبرزخ والحاجز والمهلة متقاربات في المعنى.