ومن الدليل على ما قلنا من أن التخفيف إنما هو ما كان في إبدال شئ مكان آخر، قول أبي النجم:
عزل الأمير للأمير المبدل وقوله: يعبدونني يقول: يخضعون لي بالطاعة ويتذللون لأمري ونهيي. لا يشركون بي شيئا يقول: لا يشركون في عبادتهم إياي الأوثان والأصنام ولا شيئا غيرها، بل يخلصون لي العبادة فيفردونها إلي دون كل ما عبد من شئ غيري. وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله (ص) من أجل شكاية بعض أصحابه إليه في بعض الأوقات التي كانوا فيها من العدو في خوف شديد مما هم فيه من الرعب والخوف وما يلقون بسبب ذلك من الأذى والمكروه. ذكر الرواية بذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قوله: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات...
الآية، قال: مكث النبي (ص) عشر سنين خائفا يدعو إلى الله سرا وعلانية، قال: ثم أمر بالهجرة إلى المدينة. قال: فمكث بها هو وأصحابه خائفون، يصبحون في السلاح ويمسون فيه، فقال رجل: ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح فقال النبي (ص): لا تغبرون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملا العظيم محتبيا فيه ليس فيه حديدة. فأنزل الله هذه الآية: وعد الله الذين آمنوا منكم... إلى قوله: فمن كفر بعد ذلك قال:
يقول: من كفر بهذه النعمة فأولئك هم الفاسقون وليس يعني الكفر بالله. قال: فأظهره الله على جزيرة العرب، فآمنوا، ثم تجبروا، فغير الله ما بهم. وكفروا بهذه النعمة، فأدخل الله عليهم الخوف الذي كان رفعه عنهم قال القاسم: قال أبو علي: بقتلهم عثمان بن عفان رضي الله عنه واختلف أهل التأويل في معنى الكفر الذي ذكره الله في قوله: فمن كفر بعد ذلك فقال أبو العالية ما ذكرنا عنه من أنه كفر بالنعمة لا كفر بالله. وروى عن حذيفة في ذلك ما: