مسطح قلت: علام تسبين ابنك؟ فسكتت الثانية. ثم عثرت الثالثة، فقالت: تعس مسطح فانتهرتها، فقلت: وقد كان هذا؟ قالت: نعم والله. قالت: فرجعت إلى بيتي فكأن الذي خرجت له لم أخرج له، ولا أجد منه قليلا ولا كثيرا. ووعكت، فقلت:
يا رسول الله، أرسلني إلى بيت أبي فأرسل معي الغلام، فدخلت الدار فإذا أنا بأمي أم رومان، قالت: ما جاء بك يا بنية؟ فأخبرتها، فقالت: خفضي عليك الشأن، فإنه والله ما كانت امرأة جميلة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا حسدنها وقلن فيها. قلت: وقد علم بها أبي؟ قالت: نعم. قلت: ورسول الله؟ قالت: نعم. فاستعبرت وبكيت، فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ، فنزل فقال لأمي: ما شأنها؟ قالت: بلغها الذي ذكر من أمرها.
ففاضت عيناه، فقال: أقسمت عليك إلا رجعت إلى بيتك فرجعت.
فأصبح أبواي عندي، فلم يزالا عندي حتى دخل رسول الله (ص) علي بعد العصر، وقد اكتنفني أبواي، عن يميني وعن شمالي، فتشهد رسول الله (ص)، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد يا عائشة، إن كنت قارفت سوءا أو ألممت فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده. وقد جاءت امرأة من الأنصار وهي جالسة، فقلت: ألا تستحي من هذه المرأة أن تقول شيئا؟ فقلت لأبي: أجبه فقال: أقول ماذا؟ قلت لأمي:
أجيبيه فقالت: أقول ماذا؟ فلما لم يجيباه تشهدت فحمدت الله وأثنيت عليه بما هو أهله، ثم قلت: أما بعد، فوالله لئن قلت لكم إني لم أفعل، والله يعلم إني لصادقة ما ذا بنافعي عندكم، لقد تكلم به وأشربته قلوبكم وإن قلت إني قد فعلت والله يعلم أني لم أفعل لتقولن قد باءت به على نفسها، وأيم الله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف وما أحفظ اسمه: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. وأنزل الله على رسوله ساعتئذ، فرفع عنه، وإني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه يقول: أبشري يا عائشة، فقد أنزل الله براءتك فكنت أشد ما كنت غضبا، فقال لي أبواي: قومي إلى رسول الله (ص) فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمده ولا أحمدكما، لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه، ولكني أحمد الله الذي أنزل براءتي. ولقد جاء رسول الله بيتي، فسأل الجارية