2 التفسير 3 الكل جاث في محكمة العدل الإلهي:
هذه الآيات في الحقيقة جواب آخر على كلام الدهريين، الذين كانوا ينكرون المبدأ والمعاد، وقد أشير إلى كلامهم، في الآيات السابقة، فتقول الآية أولا: قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه.
لم يكن هؤلاء يعتقدون بالله ولا باليوم الآخر، ومحتوى هذه الآية استدلال عليهما معا، حيث أكدت على مسألة الحياة الأولى. وبتعبير آخر، فإن هؤلاء لا يستطيعون أن ينكروا أصل وجود الحياة الأولى، ونشأة الموجودات الحية من موجودات ميتة، وهذا يشكل من جهة دليلا على وجود عقل وعلم كلي شامل، إذ هل يمكن أن توجد الحياة على هذه الهيئة المدهشة، والتنظيم الدقيق، والأسرار العجيبة المعقدة، والصور المتعددة، والتي أذهلت عقول كل العلماء، من دون أن يكون لها خالق قادر عالم؟
ولهذا نرى آيات القرآن المختلفة تؤكد على مسألة الحياة كأحد آيات التوحيد وأدلته البينة.
ومن جهة أخرى، تقول لهم: كيف يكون القادر على إن شاء الحياة الأولى عاجزا عن إعادتها ثانيا؟
أما التعبير ب لا ريب فيه حول القيامة، والذي يخبر عن حتمية وقوعها وحدوثها، لا عن إمكانها، فهو إشارة إلى قانون العدل الإلهي، حيث لم يصل كل صاحب حق إلى حقه في هذه الحياة الدنيا، ولم يلاق كل المعتدين والظالمين جزاءهم، ولولا محكمة القيامة العادلة، فان العدالة الإلهية لا مفهوم لها حينئذ.
ولما كان كثير من الناس لا يتأمل هذه الدلائل ولا يدقق النظر فيها، فإن الآية تضيف في النهاية: ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إن أحد أسماء يوم القيامة المار ذكره في هذه الآية هو: يوم الجمع لأن جميع