2 ملاحظة 3 كان نبي الإسلام مثال الصبر والاستقامة:
إن حياة أنبياء الله العظام - وخاصة نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) - تبيان لمقاومتهم اللامحدودة أمام الحوادث الصعبة والشدائد العسيرة، والعواصف الهوجاء، والمشاكل القاصمة، ولما كان طريق الحق مليئا بهذه المشاكل دائما، فيجب على سالكيه أن يستلهموا العبر من أولئك العظماء في هذا المسير.
إننا ننظر عادة من نقطة مضيئة في تاريخ الإسلام إلى أيام مرت على الإسلام ونبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) صعبة مظلمة، وهذه النظرة من المستقبل إلى الماضي تجسم الوقائع والحقائق بشكل آخر، فينبغي علينا أن ندرك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان وحيدا فريدا لا يرى في أفق الحياة أية علامة للانتصار.
فأعداؤه شمروا عن سواعدهم للفتك به، حتى أن أقاربه وعشيرته كانوا في الخط الأول في هذه المجابهة!
كان يذهب دائما إلى قبائل العرب ويدعوهم، ولكن لم يكن يجيبه أحد.
كانوا يرجمونه حتى تسيل الدماء من عقبيه، لكنه لم يكن يكف عن عمله.
لقد فرضوا عليه الحصار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بحيث أغلقوا جميع الأبواب والطرق بوجهه وبوجه أتباعه، حتى مات بعضهم جوعا، وأقعد المرض بعضهم الآخر.
لقد مرت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيام يصعب على القلم واللسان وصفها، فعندما جاء إلى الطائف ليدعو الناس إلى الإسلام، لم يكتفوا بعدم إجابة دعوته، بل رموه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه.
لقد كانوا يحثون الجهلاء من الناس على أن يصرخوا، ويسيؤوا في كلامهم إليه، فيضطر إلى أن يلتجئ إلى بستان ويستظل بظل شجرة، ويناجي ربه فيقول: " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين: أنت