تحقيق أهدافه، فأي معنى إذن لقانون أهل الذمة والتعايش السلمي؟
3 3 - أحكام أسرى الحرب قلنا: يجب على المسلمين أن لا يفكروا في أسر أفراد العدو إلا بعد هزيمة العدو الكاملة واندحاره التام، لأن هذا التفكير والانشغال بالأسرى قد يتضمن أخطارا جسيمة.
غير أن أسلوب الآيات - مورد البحث - يدل على وجوب الإقدام على أسر أفراد العدو بعد هزيمته، فالآية تقول: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ثم تضيف: حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق وعلى هذا يجب أسرهم بدل قتلهم بعد الانتصار عليهم، وهو أمر لابد منه، لأن العدو إذا ترك وشأنه فمن الممكن أن ينظم قواه مرة أخرى ليهجم على المسلمين من جديد.
إلا أن الحال يختلف بعد الأسر، إذ يكون الأسير أمانة إلهية بيد المسلمين رغم كل الجرائم التي ارتكبها، ويجب أن تراعى فيه حقوق كثيرة.
إن القرآن يمجد أولئك الذين آثروا الأسير على أنفسهم، وقدموا له طعامهم، فيقول: ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا وهذه الآية - طبقا لرواية معروفة - نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، إذ كانوا صائمين وأعطوا إفطارهم لمسكين مرة وليتيم أخرى، لأسير ثالثة.
وحتى الأسرى الذين يقتلون بعد الحرب استثناءا، إما لكونهم خطرين، أو لارتكابهم جرائم خاصة، فإن الإسلام أمر أن يحسن إليهم قبل تنفيذ الحكم بحقهم، كما نرى ذلك في حديث عن علي (عليه السلام): " إطعام الأسير والإحسان إليه حق واجب، وإن قتلته من الغد " (1).