إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان.
ويقول في الآية (31) من سورة التوبة: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله.
وجاء في حديث عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام أنهما قالا: " أما والله ما صاموا لهم، ولا صلوا، ولكنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا، فاتبعوهم، وعبدوهم من حيث لا يشعرون " (1).
غير أن بعض المفسرين يعتبر هذا التعبير إشارة إلى الوثنيين من قريش، الذين إذا ما عشقوا شيئا وأحبوه صنعوا على صورته صنما ثم عبدوه وعظموه، وكلما رأوا شيئا آخر أعجبهم أكثر من صنمهم أعرضوا عن الأول وتوجهوا إلى عبادة الثاني، وعلى هذا فإن إلههم كان الشئ الذي ترتضيه أنفسهم وتهواه (2).
إلا أن تعبير: من اتخذ إلهه هواه أكثر انسجاما مع التفسير الأول.
أما في مورد جملة: أضله الله على علم فالتفسير المعروف هو أن الله سبحانه قد أضلهم لعلمه بأنهم لا يستحقون الهداية، وهو إشارة إلى أن هؤلاء قد أطفأوا بأيديهم كل مصابيح الهداية وحطموها، وأغلقوا في وجوههم كل سبل النجاة، ودمروا وراءهم جسور العودة إلى طريق الحق، فعند ذلك سلبهم الله تعالى رحمته ولطفه، وأفقدهم القدرة على تشخيص الصالح من الطالح، وتركهم في ظلمات لا يبصرون، وكأنما ختم على قلبهم وسمعهم، وجعل على أبصارهم غشاوة.
وما كل ذلك في الحقيقة إلا آثار لما اختط هؤلاء لأنفسهم من مسير، ونتيجة مشؤومة لعبادة الآلهة التي اتخذوها.
ولا صنم في الحقيقة أخطر من اتباع هوى النفس الذي يوصد كل أبواب الرحمة وطرق النجاة بوجه الإنسان؟ وكم هو بليغ وعميق الحديث المروي عن