الدهريين وأمثالهم كانوا يقولون بوجود عقل للأفلاك، ويعتقدون أن تدبير هذا العالم بيدها.
إن هذه العقائد الخرافية انقرضت بمرور الزمان، خاصة وقد ثبت بتقدم علم الهيئة عدم وجود شئ باسم الأفلاك - الكرات المتداخلة الصافية - في الوجود الخارجي أصلا، وأن لنجوم العالم العلوي بناء كبناء الكرة الأرضية بتفاوت ما، غاية في الأمر أن بعضها مظلم ويكتسب نوره من الكرات الأخرى، وبعضها الآخر مشتعل ومنير.
إن الدهريين كانوا يذمون الدهر ويسبونه أحيانا عندما تقع حوادث مرة مؤلمة.
غير أنه ورد في الأحاديث الإسلامية عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) " لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر " (1)، وهو إشارة إلى أن الدهر لفظ ليس إلا، فإن الله سبحانه هو مدبر هذا العالم ومديره، فإنكم إن أسأتم القول بحق مدبر هذا العالم ومديره، فقد أسأتم بحق الله عز وجل من حيث لا تشعرون.
والشاهد على هذا الكلام حديث آخر روي كحديث قدسي عن الله تعالى أنه قال: " يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر! بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار " (2).
لكن قد استعمل الدهر في بعض التعبيرات بمعنى أبناء الأيام، وأهل الزمان الذين شكا العظماء من عدم وفائهم، كما نقل في الشعر المنقول عن الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث أنشد ليلة عاشوراء:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالإشراق والأصيل من صاحب وطالب قتيل * والدهر لا يقنع بالقليل وعلى هذا فللدهر معنيان: الدهر بمعنى الأفلاك والأيام، والذي كان محل