اهتمام الدهريين، حيث كانوا يظنونه حاكما على نظام الوجود وحياة البشر.
والدهر بمعنى أهل العصر والزمان وأبناء الأيام.
ومن المسلم أن الدهر بالمعنى الأول أمر وهمي، أو نقول أنه اشتباه في التعبير حيث أطلق اسم " الدهر " بدل اسم الله المتعالي الحاكم على كل عالم الوجود. أما الدهر بالمعنى الثاني فهو الشئ الذي ذمه كثير من الأئمة والعظماء، لأنهم كانوا يرون أهل زمانهم مخادعين مذبذبين لا وفاء لهم.
على أية حال، فإن القرآن الكريم أجاب هؤلاء العبثيين بجملة وجيزة عميقة، تلاحظ في موارد أخرى من القرآن الكريم أيضا، فقال: وما لهم بذلك من علم أن هم إلا يظنون.
وقد ورد نظير هذا المعنى في الآية (28) من سورة النجم في من يظنون أن الملائكة بنات الله سبحانه: وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا.
وقد ورد هذا المعنى أيضا في القول بقتل المسيح، النساء - 157، وعقيدة مشركي العرب في الأصنام، يونس - 66.
وهذا أبسط وأوضح دليل يلقى على هؤلاء بأنكم لا تملكون أي شاهد أو دليل منطقي على مدعاكم، بل تستندون في دعواكم إلى الظن والتخمين فقط.
وأشارت الآية التالية إلى إحدى ذرائع هؤلاء الواهية وحججهم الباطلة فيما يتعلق بالمعاد، فقالت: وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا أئتوا بآبائنا إن كنتم صادقين (1).
كان هؤلاء يرددون أن إذا كانت حياة الأموات وبعثهم حقا فأحيوا آباءنا كنموذج لادعائكم، حتى نعرف مدى صدقكم، ولنسألهم عما يجري بعد الموت، وهل يصدقون ما تقولونه أم يكذبونه؟