وبسعة ما يخطر في أذهاننا اليوم وما لا يخطر، تعبير ليس فوقه تعبير.
والطريف أن مسألة شهية النفس قد بينت منفصلة عن لذة العين، وهذا الفصل عميق المعنى: فهل هو من قبيل ذكر الخاص بعد العام، من جهة أن للذة النظر أهمية خاصة تفوق اللذات الأخرى؟ أم هو من جهة أن جملة: ما تشتهيه الأنفس تبين لذات الذوق والشم والسمع واللمس، أما جملة: تلذ الأعين فهي تبيان للذة العين والنظر.
ويعتقد البعض أن جملة: ما تشتهيه الأنفس إشارة إلى كل اللذات الجسمية، في حين أن جملة: تلذ الأعين مبينة للذات الروحية، وأي لذة في الجنة أسمى من أن ينظر الإنسان بعين القلب إلى جمال الله الذي لا يشبهه جمال، فإن لحظة من تلك اللحظات تفوق كل نعم الجنة المادية.
ومن البديهي أن شوق الحبيب كلما زاد، كانت لذة الالقاء أعظم.
سؤال:
وهنا يطرح سؤال، وهو: هل أن سعة عمومية مفهوم هذه الآية، دليل على أنهم يطلبون من الله هناك أن يمنحهم أمورا كانت حراما في الدنيا؟
والجواب:
إن طرح هذا السؤال ناتج عن عدم الالتفات إلى نكتة، وهي أن المحرمات والقبائح كالغذاء المضر لروح الإنسان، ومن المسلم أن الروح السالمة الصحيحة لا تشتهي مثل هذا الغذاء، وتلك التي تميل أحيانا إلى السموم والأغذية المضرة هي الأرواح المريضة.
إننا نرى بعض المرضى يميلون حتى في حالة المرض إلى تناول التراب أو أشياء أخرى من هذا القبيل، إلا أنهم بمجرد أن يزول عنهم المرض تزول عنهم