2 التفسير 3 لا تمنوا علي إسلامكم:
كانت الآيات السابقة قد بينت علائم المؤمنين الصادقين، وحيث أنا ذكرنا في شأن النزول أن جماعة جاؤوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالوا إن ادعاءهم كان حقيقة وإن الإيمان مستقر في قلوبهم، فإن هذه الآيات تنذرهم وتبين لهم أنه لا حاجة إلى الإصرار والقسم، كما أن هذا البيان والإنذار هو لجميع الذين على شاكلة تلك الجماعة، فمسألة (الكفر والإيمان) إنما يطلع عليها الله الخبير بكل شئ!
ولحن الآيات فيه عتاب وملامة، إذ تقول الآية الأولى من الآيات محل البحث: قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض.
ولمزيد التأكيد تقول الآية أيضا: والله بكل شئ عليم. فذاته المقدسة هي علمه بعينه وعلمه هو ذاته بعينها (1) ولذلك فإن علمه أزلي أبدي!
ذاته المقدسة في كل مكان حاضرة، وهو أقرب إليكم من حبل الوريد، ويحول بين المرء وقلبه، فمع هذه الحال لا حاجة لادعائكم، وهو يعرف الصادقين من الكاذبين ومطلع على أعماق أنفسهم حتى درجات إيمانهم المتفاوتة ضعفا وقوة، وقد تنطلي عليهم أنفسهم، إلا أنه يعرفها بجلاء، فعلام تصرون أن تعلموا الله بدينكم؟!
ثم يعود القرآن لكلمات الأعراب من أهل البادية الذين يمنون على النبي بأنهم أسلموا وأنهم أذعنوا لدينه في الوقت الذي حاربته القبائل العربية الأخرى.
فيقول القرآن جوابا على كلماتهم هذه: يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين.