والكذب، والاستهزاء والمزاح، وطرح أمر باطل وذكره، وكل هذه المعاني يمكن أن تقبل في مورد الآية.
الأشخاص الذين أبطلوا الحق، والذين نشروا عقيدة الباطل وأهدافه، والذين كذبوا أنبياء الله، وسخروا من كلامهم، سيرون خسرانهم المبين في ذلك اليوم.
وتجسد الآية التالية مشهد القيامة بتعبير بليغ مؤثر جدا، فتقول: وترى كل أمة جاثية.
يستفاد من بعض كلمات المفسرين أن أصحاب الدعوى في الماضي كانوا يجلسون على هذه الهيئة في مجلس القضاء ليميزوا عن الآخرين، وسيجثوا الجميع يوم القيامة في تلك المحكمة الكبرى لتتم محاكمتهم.
ويمكن أيضا أن يكون هذا التعبير علامة على استعدادهم لتقبل أي أمر أو حكم يصدر بحقهم، لأن من كان على أهبة الاستعداد يجثو على الركب.
أو أنه إشارة إلى ضعف هؤلاء وعجزهم وخوفهم واضطرابهم الذي سيعانونه.
وجمع كل هذه المعاني في مفهوم الآية ممكن أيضا.
وللجاثية معان أخرى، من جملتها الجمع الكثير المتراكم، أو جماعة جماعة، ويمكن أن تكون إشارة إلى تراكم البشر وازدحامهم في محكمة العدل الإلهي، أو جلوس كل أمة وفئة على حدة وبمعزل عن الأمم الأخرى. إلا أن المعنى الأول هو الأنسب والأشهر.
ثم تبين الآية ثاني مشاهد القيامة، فتقول: كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون فإن هذا الكتاب صحيفة أعمال سجلت فيها كل الحسنات والسيئات، والقبائح والأفعال الجميلة، وأقوال الإنسان وأعماله، وعلى حد تعبير القرآن الكريم: لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (1).
وتعبير كل أمة تدعى إلى كتابها يوحي بأن لكل أمة كتابا يتعلق بأفرادها