الخلق من الأولين والآخرين، وعلى اختلاف طبقات البشر وأصنافهم يجمعون في ذلك اليوم في مكان واحد. وقد ورد هذا التعبير في عدة آيات أخرى من القرآن الكريم أيضا، ومن جملتها الشورى - 7، والتغابن - 9.
أما الآية التالية فهي دليل آخر على مسألة المعاد، وقد قرأنا الشبهة المطروحة حوله في آيات القرآن الأخرى، فتقول: ولله ملك السماوات والأرض فلما كان مالكا لتمام عالم الوجود الواسع وحاكما عليه، فمن المسلم أن يكون قادرا على إحياء الموتى، ومع وجود تلك القدرة المطلقة لا تكون عملية الإحياء بالأمر العسير.
لقد جعل الله سبحانه هذا العالم مزرعة للآخرة، ومتجرا وافر الربح إلى ذلك العالم، ولذلك يقول سبحانه في نهاية الآية: ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون لأنهم فقدوا رأس مالهم - وهو العمر - ولم يتجروا فيه، ولم يشتروا متاعا إلا الحسرة والندم.
إن الحياة والعقل والذكاء ومواهب الحياة الأخرى هي رأس مال الإنسان في سوق التجارة هذا، لكن اتباع الباطل يبادلونه بمتاع فان سريع الزوال، ولذلك فإنهم حين يأتون يوم القيامة، يوم لا ينفع إلا القلب السليم والإيمان والعمل الصالح سيرون خسارتهم الباهظة بأم أعينهم، ولات ساعة مندم.
" يخسر " من الخسران، وهو فقدان رأس المال، وينسب أحيانا إلى نفس الإنسان - كما يقول الراغب في المفردات - فيقال: خسر فلان، وأحيانا إلى تجارته فيقال: خسرت تجارته.
ومع أن أبناء الدنيا لا يستعملون هذا التعبير إلا في موارد المال والمقام والمواهب المادية، مع أن الأهم من الخسارة المادية هو فقدان رأس مال العقل والإيمان والثواب.
أما " المبطل " - من مادة " إبطال " - فلها في اللغة معان مختلفة، كإبطال الشئ،