وفي نفس الوقت فإنهم يعيشون في حالة روحية خالية من الحسد والغيرة، وهم راضون بما رزقوا به.
وكما هو معلوم فإن المكافاة الإلهية في الآخرة وحتى التفضيل الإلهي للبعض دون البعض الآخر إنما يتم على أساس اللياقة التي حصل عليها الإنسان في هذه الدنيا، فالذي يعرف أن إيمانه وعمله في هذه الدنيا لم يصل إلى درجة إيمان وعمل الأخرين لا يأمل يوما ما أن يكون بمرتبتهم، لإن ذلك أمل ورجاء غير منطقي.
وعبارة: عند ربهم تبين عدم انقطاع اللطف الإلهي عن أولئك وكأنهم ضيوف الله على الدوام، وكل ما يطلبونه يوفر لهم.
وعبارة: ذلك جزاء المحسنين أقيم فيها الظاهر مقام ضمير الإشارة، إشارة إلى أن إحسانهم وعملهم الصالح كانا سببا في حصولهم على الأجر المذكور.
أما المكافأتان الثانية والثالثة اللتان يمنحهما البارئ عز وجل للمصدقين، فيقول القرآن المجيد بشأنهما: ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون (1).
كم هي عبارة جميلة ولطيفة! فمن جانب يدعون الله سبحانه وتعالى ليكفر عنهم أسوأ ما عملوا بظل لطفه، ويطهرهم من تلك البقع السوداء بماء التوبة، ومن جهة أخرى يدعون الله ليجعل أفضل وأحسن أعمالهم معيارا للمكافأة، وأن يجعل بقية أعمالهم ضمن ذلك العمل.
إن ما يتضح من الآيات الكريمة هو أن الله استجاب لدعواهم، عندما غفر لهم وعفا عن أسوأ أعمالهم، وجعل أفضل الأعمال معيارا للمكافأة.