نعم، فالموت من الأمور التي تشمل جميع الناس، ولا يستثنى منه أحد، فهو طريق يجب أن يمر به الجميع في نهاية المطاف.
قال بعض المفسرين: إن أعداء رسول الله كانوا ينتظرون وفاته، وكانوا في نفس الوقت فرحين مسرورين لكون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يموت في نهاية الأمر، فالقرآن - هنا - أجابهم بالقول: إن مات رسول الله فهل تبقون أنتم خالدين، هذا ما نصت عليه الآية (34) من سورة الأنبياء: أفإن مت فهم الخالدون.
ثم ينتقل البحث إلى محكمة يوم القيامة، ليجسم المجادلة بين العباد في ساحة المحشر، ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون.
" تختصمون ": مشتقة من (اختصام) وتعني النزاع والجدال بين شخصين أو مجموعتين تحاول كل، منهما تفنيد كلام الأخر، فأحيانا يكون أحدهم على حق والآخر على باطل، وأحيانا يكون الاثنان على باطل، كما في مجادلة ومخاصمة أهل النار فيما بينهم، وقد اختلف المفسرون في كون هذا الحكم عاما أم لا.
قال البعض: إن المخاصمة تقع بين المسلمين والكفار.
وقال البعض الآخر: إنها تقع بين المسلمين أنفسهم، وفي رواية عن أبي سعيد الخدري قال: لم يكن أحد فينا يفكر في أن يقع خصام فيما بين المسلمين، وكنا نقول: كيف نختصم نحن وربنا واحد، ونبينا واحد وديننا واحد؟ فلما كان يوم صفين وشد الفريقان الذين كانا مسلمين (حيث كان أحدهما مسلما حقيقيا والآخر يدعي الإسلام) بالسيوف على بعضهما البعض، قلنا: نعم، الآية تشملنا نحن أيضا (1).
ولكن الآيات التالية تبين أن المخاصمة تقع بين الأنبياء والمؤمنين من جهة، والمشركين المكذبين من جهة أخرى.
لما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قام عمر بن الخطاب، فقال: إن رجالا من المنافقين