واستدلالاته المنطقية، أو قوانينه الاجتماعية، وحتى برامجه لتهذيب النفوس وتكامل البشر... كل ذلك يعتبر دليلا على حقانيته.
إن هذا المحتوى العظيم - بهذا العمق - من شخص أمي لا يعرف القراءة والكتابة، وقد نشأ في مجتمع يعتبر من أكثر المجتمعات تخلفا، يعتبر بحد ذاته دليلا على عظمة الخالق، ووجود عالم ما وراء الطبيعة، وحقانية من جاء به.
وهكذا فإن الجملة أعلاه تعتبر جوابا للمشركين ولأهل الكتاب.
وبما أن نتيجة كل هذه الأمور، خاصة ظهور الحق بشكل كامل والعدالة والميزان تتضح في يوم القيامة، لذا فإن الآية تقول في نهايتها: وما يدريك لعل الساعة قريب.
فالقيامة عندما تقام يحضر الجميع في محكمة عدله، ويواجهون الميزان الذي يقيس حتى حبة الخردل أو أصغر منها.
ثم يشير القرآن إلى موقف الكفار والمؤمنين حيال القيامة، فتقول الآية:
يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها.
فهؤلاء لا يقولون ذلك بسبب عشقهم للقيامة والوصول إلى لقاء المحبوب أبدا، إن كلامهم هذا من قبيل الاستهزاء والإنكار، ولو كانوا يعلمون ما سيحل عليهم يوم القيامة لم يطلبوا مثل هذا الأمر.
والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق (1).
طبعا لحظة قيام القيامة خافية على الجميع، حتى بالنسبة للأنبياء المرسلين والملائكة المقربين، ليكون هذا الأمر أسلوبا تربويا مستمرا للمؤمنين، واختبارا واتمام حجة للمنكرين، ولكن لا يوجد أي شك في أصل وقوعها.