المهم هنا أن القرآن وفي هذه الآيات البينات نفى الجبر الذي يؤدي إلى إشاعة الفساد وارتكاب أنواع القبائح، والاعتقاد به يؤدي إلى إلغاء أي نوع من المسؤولية والتكليف، بينما الجميع مسؤولون عن أعمالهم، نتائجها تعود بالدرجة الأولى عليهم.
لذلك نقرأ في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في الإجابة على هذا السؤال: هل يجبر الله عباده على المعاصي؟
فقال: " لا، بل يخيرهم ويمهلهم حتى يتوبوا ".
فسئل (عليه السلام) مجددا: هل كلف عباده ما لا يطيقون؟
أجاب الإمام (عليه السلام): " كيف يفعل ذلك وهو يقول: وما ربك بظلام للعبيد ".
ثم أضاف الإمام الرضا (عليه السلام): " إن أبي موسى بن جعفر نقل عن أبيه جعفر بن محمد من زعم أن الله يجبر عباده على المعاصي أو يكلفهم ما لا يطيقون فلا تأكلوا ذبيحته، ولا تقبلوا شهادته، ولا تصلوا وراءه ولا تعطوه من الزكاة شيئا " (1).
إن هذا الحديث الشريف يشير - ضمنا - إلى هذه الملاحظة الدقيقة. وهي إن الجبريين ينتهون في عقيدتهم إلى القول ب " التكليف بما لا يطاق " لأن الإنسان إذا كان مجبورا على الذنب من ناحية، وممنوعا عنه من ناحية أخرى، فهذا يكون مصداقا واضحا للتكليف بما لا يطاق.
3 ثانيا: الذنوب وسلب النعم في حديث عميق الدلالة لأمير المؤمنين نقرا قوله (عليه السلام): " وأيم الله! ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها، لأن الله ليس بظلام للعبيد ".
ثم أضاف (عليه السلام):