لكن القرآن يرد على هؤلاء ودعواهم بالقول: أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.
أليس الذي خلقهم خلق السماوات والأرض؟
بل هل يمكن المقايسة بين هاتين القدرتين، فأين القدرة المحدودة الفانية من القدرة المطلقة اللامتناهية الأزلية؟!
ما للتراب ورب الأرباب (1)؟!
تضيف الآية في النهاية قوله تعالى: وكانوا بآياتنا يجحدون.
نعم، إن الإنسان الضعيف المحدود سوف يطغى بمجرد أن يشعر بقليل من القدرة والقوة، وأحيانا بدافع من جهله، فيتوهم أنه يصارع الله جل وعلا!!
لكن ما أسهل أن يبدل الله عوامل حياته إلى موت ودمار، كما تخبرنا الآية عن مآل قوم عاد: فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا.
إن هذه الريح الصرصر، وكما تصرح بذلك آيات أخرى، كانت تقتلعهم من الأرض بقوة ثم ترطمهم بها، بحيث أصبحوا كأعجاز النخل الخاوية. (يلاحظ الوصف في سورة " القمر " الآية 19 - 20 وسورة الحاقة الآية 6 فما بعد).
لقد استمرت هذه الريح سبع ليال وثمانية أيام، وحطمت كيانهم وكل وسائل عيشهم، نكالا بما ركبوا من حماقة وعلو وغرور، ولم يبق منهم سوى أطلال تلك القصور العظيمة، وآثار تلك الحياة المرفهة.
هذا في الدنيا، وهناك في الآخرة: ولعذاب الآخرة أخزى.
إن العذاب الأخروي هو في الواقع كالشرارة في مقابل بحر لجي من النار.