ودلائل إعجازهم.
التفاسير الآنفة الذكر لا تتعارض فيما بينها، لأنها جميعا تقصد اعتماد البشر على ما لديهم، واستعلاءهم بهذه " المعرفة " على دعوات الرسل ومعاجز الأنبياء.
بل واندفع هؤلاء حتى إلى السخرية بالوحي والمعارف السماوية.
لكن القرآن الكريم يذكر مآل غرور هؤلاء وعلوهم وتكبرهم إزاء آيات الله، حينما يقول: فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين.
ثم تأتي النتيجة سريعا في قوله تعالى: فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا.
لماذا؟ لأنه عند نزول " الاستئصال " تغلق أبواب التوبة، وعادة ما يكون مثل هذا الإيمان إيمانا اضطراريا ليس له ثمرة الإيمان الاختياري، إذ أنه تحقق في ظل شروط غير عادية، لذا من المحتمل جدا أن يعود هؤلاء إلى سابق وضعهم عندما ترتفع الشروط الاستثنائية التي حلت بهم.
لذلك لم يقبل من " فرعون " إيمانه وهو في الأنفاس الأخيرة من حياته وعند غرقه في النيل.
وهذا الحكم لا يختص بقوم دون غيرهم، بل هو: سنة الله التي قد خلت في عباده.
ثم تنتهي الآية بقوله تعالى: وخسر هنالك الكافرون.
ففي ذلك اليوم عندما ينزل العذاب بساحتهم سيفهم هؤلاء بأن رصيدهم في الحياة الدنيا لم يكن سوى الغرور والظنون والأوهام، فلم يبق لهم من دنياهم سوى التبعات والعذاب الإلهي الأليم، وهل ثمة خسران أكبر من هذا؟!
وهكذا تنتهي السورة المباركة (المؤمن) التي بدأت بوصف حال الكافرين المغرورين، ببيان نهاية هؤلاء وما آل إليه مصيرهم من العذاب والخسران.
* * *