ثم أوضح مراده من هذا الكلام بأنني خائف عليكم عن العادات والتقاليد السيئة التي كانت متفشية في الأقوام السالفة. مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم (1).
لقد نالت هذه الأقوام جزاء ما كانت عليه من الكفر والطغيان، إذ قتل من قتل منهم بالطوفان العظيم، وأصيب آخرون منهم بالريح الشديدة، وبعضهم بالصواعق المحرقة، ومجموعة بالزلازل المخربة.
واليوم يخاطبهم مؤمن آل فرعون: ألا تخشون أن تصيبكم إحدى هذه البلايا العظيمة بسبب إصراركم على الكفر والطغيان؟ هل عندكم ضمان بأنكم لستم مثل أولئك، أو أن العقوبات الإلهية لا تشملكم، ترى ماذا عمل أولئك حتى أصابهم ما أصابهم، لقد اعترضوا على دعوة الأنبياء الإلهيين، وفي بعض الأحيان عمدوا إلى قتلهم... لذلك كله فإني أخاف عليكم مثل هذا المصير المؤلم!؟
ولكن ينبغي أن تعلموا أن ما سيصيبكم ويقع بساحتكم هو من عند أنفسكم وبما جنت أيديكم: وما الله يريد ظلما للعباد.
لقد خلق الله الناس بفضله وكرمه، ووهبهم من نعمه ظاهرة وباطنة، وأرسل أنبياءه لهدايتهم، ولصد طغيان العتاة عنهم، لذلك فإن طغيان العباد وصدهم عن السبيل هو السبب فيما ينزل بهم من العذاب الأليم.
ثم تضيف الآية على لسانه: ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد أي يوم تطلبون العون من بعضكم البعض، إلا أصواتكم لا تصل إلى أي مكان.
" التناد " مأخوذة أصلا من كلمة " ندا " وتعني " المناداة " (وهي في الأصل (التنادي) وحذفت الياء ووضعت الكسرة في محلها) والمشهور بين المفسرين أن