الآية التالية تتكون من أربع عبارات قصار غزيرة المعاني تنقل عن لسان أهل الجنة السعادة والفرح اللذين غمراهم، حيث تقول: وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده.
وتضيف في العبارة التالية وأورثنا الأرض.
المراد من الأرض هنا أرض الجنة. واستخدام عبارة (الإرث) هنا، إنما جاء لكونهم حصلوا على كل هذه النعم في مقابل جهد قليل بذلوه، إذ - كما هو معروف - فإن الميراث هو الشئ الذي يحصل عليه الإنسان من دون أي عناء مبذول.
أو أنها تعني أن لكل إنسان مكان في الجنة وآخر في جهنم، فإن ارتكب عملا استحق به جهنم فإن مكانه في الجنة سوف يمنح لغيره، وإن عمل عملا صالحا استحق به الجنة، فيمنح مكانا في الجنة ويترك مكانه في جهنم لغيره.
أو تعني أنهم يتمتعون بكامل الحرية في الاستفادة من ذلك الأرث، كالميراث الذي يحصل عليه الإنسان إذ يكون حرا في استخدامه.
هذه العبارة - في الواقع - تحقق عيني للوعد الإلهي الذي ورد في الآية (63) من سورة مريم تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا.
العبارة الثالثة تكشف عن الحرية الكاملة التي تمنح لأهل الجنة في الاستفادة من كافة ما هو موجود في الجنة الواسعة، إذ تقول: نتبوأ من الجنة حيث نشاء.
يستشف من الآيات القرآنية أن في الجنة الكثير من البساتين والحدائق وقد أطلقت عليها في الآية (72) من سورة التوبة عبارة جنات عدن وأهل الجنة وفقا لدرجاتهم المعنوية يسكنون فيها، وأن لهم كامل الحرية في التحرك في تلك الحدائق والبساتين في الجنة.
أما العبارة الأخيرة فتقول: فنعم أجر العالمين.
وهذه إشارة إلى أن هذه النعم الواسعة إنما تعطى في مقابل العمل الصالح