من قبل، وهذه إشارة إلى الاحترام والتبجيل الذي يستقبلون به من قبل ملائكة الرحمة، كالمستضيف المحب الذي يفتح أبواب بيته للضيوف قبل وصولهم، ويقف عند الباب بانتظارهم.
وقد قرأنا في الآيات السابقة أن ملائكة العذاب يستقبلون أهل جهنم باللوم والتوبيخ الشديدين، عندما يقولون لهم: قد هيئت لكم أسباب الهداية، فلم تركتموها وانتهيتم إلى هذا المصير المشؤوم؟
أما ملائكة الرحمة فإنها تبادر أهل الجنة بالسلام المرافق للاحترام والتبجيل، ومن ثم تدعوهم إلى دخول الجنة.
عبارة " طبتم " من مادة (طيب) على وزن (صيد) وتعني الطهارة، ولأنها جاءت بعد السلام والتحية، فمن الأرجح القول بأن لها مفهوما إنشائيا، وتعني:
لتكونوا طاهرين مطهرين ونتمنى لكم السعادة والسرور.
وبعبارة أخرى: طابت لكم هذه النعم الطاهرة، يا أصحاب القلوب الطاهرة.
ولكن الكثير من المفسرين ذكروا لهذه الجملة معنى خبريا عند تفسيرها، وقالوا: إن الملائكة تخاطبهم بأنكم تطهرتم من كل لوث وخبث، وقد طهرتم بإيمانكم وبعملكم الصالح قلوبكم وأرواحكم، وتطهرتم من الذنوب والمعاصي، ونقل البعض رواية تقول: إن هناك شجرة عند باب الجنة، تفيض من تحتها عينا ماء صافيتان، يشرب المؤمنون من إحداهما فيتطهر باطنهم، ويغتسلون بماء العين الأخرى فيتطهر ظاهرهم، وهنا يقول خزنة الجنة لهم: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين (1).
الملاحظ أن " الخلود " استخدم بشأن كل من أهل الجنة وأهل النار، وذلك لكي لا يخشى أهل الجنة من زوال النعم الإلهية، ولكي يعلم أهل النار بأنه لا سبيل لهم للنجاة من النار.