أعمالهم المهمة باليد اليمنى ويحسون بأنها ذات قوة وقدرة أكثر.
خلاصة الكلام، أن كل هذه التشبيهات والتعابير هي كناية عن سلطة الله المطلقة على عالم الوجود في العالم الآخر، حتى يعلم الجميع أن مفتاح النجاة وحل المشاكل يوم القيامة هو بيد القدرة الإلهية، كي لا يعمدوا إلى عبادة الأصنام وغيرها من الآلهة بذريعة أنها ستشفع لهم في ذلك اليوم.
ولكن هل أن السماء والأرض ليستا في قبضته في الحياة الدنيا؟ فلم الحديث عن الآخرة؟
الجواب: إن قدرة البارئ عز وجل تظهر وتتجلى في ذلك اليوم أكثر من أي وقت مضى، وتصل إلى مرحلة التجلي النهائي، وكل إنسان يدرك ويشعر أن كل شئ هو من عند الله وتحت تصرفه. إضافة إلى أن البعض اتجه إلى غير الله بذريعة أن أولئك سينقذونه يوم القيامة، كما فعل المسيحيون، إذ أنهم يعبدون عيسى (عليه السلام) متصورين أنه سينقذهم يوم القيامة، وطبقا لهذا فمن المناسب التحدث عن قدرة البارئ عز وجل في يوم القيامة.
ويتضح بصورة جيدة مما تقدم أن طابع الكناية يطغى على هذه العبارات، وبسبب قصور الألفاظ المتداولة فإننا نجد أنفسنا مضطرين إلى صب تلك المعاني العميقة في قوالب هذه الألفاظ البسيطة، ولا يرد إمكانية تجسيم البارئ عز وجل من خلالها، إلا إذا كان الشخص الذي يتصور ذلك ذا تفكير ساذج وعقل بسيط جدا، حيث نفتقد ألفاظا تبين مقام عظمة البارئ عز وجل بصورة واضحة، إذن فيجب الاستفادة بأقصى ما يمكن من الكنايات التي لها مفاهيم كثيرة ومتعددة.
على أية حال، فبعد التوضيحات التي ذكرت آنفا، يعطي البارئ عز وجل في آخر الآية نتيجة مركزة وظاهرية، إذ يقول: سبحانه وتعالى عما يشركون.
فلو لم يكن بنو آدم قد أصدروا أحكامهم على ذات الله المقدسة المنزهة وفق مقاييس تفكيرهم الصغيرة والمحدودة، لما انجر أحد منهم إلى حبائل الشرك وعبادة الأصنام.