وأعمالهم.
الإسلام واجه في عصر انبثاق الرسالة مجموعة لم تكن تملك الإخلاص اللازم للإيمان، ولا القدرة اللازمة للمعارضة.
هذه المجموعة المذبذبة المصابة بازدواج الشخصية توغلت في أعماق المسلمين، وشكلت خطرا كبيرا على الإسلام والمسلمين. كان تشخيصهم صعبا لأنهم متظاهرون بالإسلام، غير أن القرآن بين بدقة مواصفاتهم وأعطى للمسلمين في كل القرون والأعصار معايير حية لمعرفتهم.
الآيات المذكورة قبلها بينت في مطلعها الخط العام للنفاق والمنافقين: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين.
هؤلاء يعتبرون عملهم المذبذب هذا نوعا من الشطارة والدهاء يخادعون الله والذين آمنوا بينما لا يشعر هؤلاء أنهم يسيئون بعملهم هذا إلى أنفسهم، ويبددون بانحرافهم هذا طاقاتهم، ولا يجنون من ذلك إلا الخسران والعذاب الإلهي. وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
في الآية التالية يبين القرآن أن النفاق في حقيقته نوع من المرض. الإنسان السالم له وجه واحد فقط، وفي ذاته انسجام تام بين الروح والجسد، لأن الظاهر والباطن، والروح والجسم، يكمل أحدهما الآخر. إذا كان الفرد مؤمنا فالإيمان يتجلى في كل وجوده، وإذا كان منحرفا فظاهره وباطنه يدلان على انحرافه.
وازدواجية الجسم والروح مرض آخر وعلة إضافية. إنه نوع من التضاد والانفصال في الشخصية الإنسانية: في قلوبهم مرض.
وبما أن سنة الله في الكون اقتضت أن يتيسر الطريق لكل سالك، وأن تتوفر سبل التقدم لكل من يجهد في وضع قدمه على طريق. وبعبارة أخرى: إن تكريس أعمال الإنسان وأفكاره في خط معين، تدفعه نحو الانغماس والثبات في ذلك الخط فقد أضاف القرآن قوله: فزادهم الله مرضا.