ثمة سؤال يتبادر إلى الإذهان عن سبب طلبنا من الله الهداية إلى الصراط المستقيم، ترى هل نحن ضالون كي نحتاج إلى هذه الهداية؟ وكيف يصدر مثل هذا الأمر عن المعصومين وهم نموذج الإنسان الكامل؟!
وفي الجواب نقول:
أولا: الإنسان معرض في كل لحظة إلى خطر التعثر والانحراف عن مسير الهداية - كما أشرنا إلى ذلك - ولهذا كان على الإنسان تفويض أمره إلى الله، والاستمداد منه في تثبيت قدمه على الصراط المستقيم.
ينبغي أن نتذكر دائما أن نعمة الوجود وجميع المواهب الإلهية، تصلنا من المبدأ العظيم تعالى لحظة بلحظة. وذكرنا من قبل أننا وجميع الموجودات (بلحاظ معين) مثل مصابيح كهربائية. النور المستمر في هذه المصابيح يعود إلى وصول الطاقة إليها من المولد الكهربائي باستمرار. فهذا المولد ينتج كل لحظة طاقة جديدة ويرسلها عن طريق الأسلاك إلى المصابيح لتتحول إلى نور.
وجودنا يشبه نور هذه المصابيح. هذا الوجود، وإن بدا ممتدا مستمرا، هو في الحقيقة وجود متجدد يصلنا باستمرار من مصدر الوجود الخالق الفياض.
هذا التجدد المستمر في الوجود، يتطلب باستمرار هداية جديدة، فلو حدث خلل في الأسلاك المعنوية التي تربطنا بالله، كالظلم والاثم و... فان ارتباطنا بمنبع الهداية سوف ينقطع، وتزيغ أقدامنا فورا عن الصراط المستقيم.
نحن نتضرع إلى الله في صلواتنا أن لا يعتري ارتباطنا به مثل هذا الخلل، وأن نبقى ثابتين على الصراط المستقيم.
ثانيا: الهداية هي السير على طريق التكامل، حيث يقطع فيه الإنسان تدريجيا مراحل النقصان ليصل إلى المراحل العليا. وطريق التكامل - كما هو معلوم - غير محدود، وهو مستمر إلى اللانهاية.
مما تقدم نفهم سبب تضرع حتى الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لله تعالى أن يهديهم