الآيات السابقة طرحت المنهج الإسلامي في " البر "، وهنا يقدم القرآن الكريم - وهكذا في الآيات التالية - مجموعة من الأحكام الإسلامية، إكمالا لبيان المنهج الإسلامي في الحياة.
تبدأ هذه الأحكام من مسألة حفظ حرمة الدماء، وهي مسألة هامة في الحياة الاجتماعية، فتنفي العادات والتقاليد الجاهلية، وتقول للمؤمنين: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى.
عبارة كتب عليكم تبين أهمية الموضوع، وتوحي بالتأكيد عليه، وذكرت في آيات أخرى بشأن الصوم والوصية، ولا يكتب من المسائل عادة إلا ما كان قاطعا وجادا.
و " القصاص " من " قص "، يقال قص أثره: أي تلاه شيئا بعد شئ. ومنه القصاص لأنه يتلو أصل الجناية ويتبعه، وقيل هو أن يفعل بالثاني مثل ما فعله هو بالأول، مع مراعاة المماثلة، ومنه أخذ القصص كأنه يتبع آثارهم شيئا بعد شئ (1).
الآية كما ذكرنا تستهدف بيان الموقف الصحيح من المجرم، ولفظ القصاص يدل على إنزال عقوبة بالمجرم مماثلة لما ارتكبه هو، لكن الآية لا تكتفي بذلك، بل بينت التفاصيل فقالت: الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى.
وسنوضح إن شاء الله مسألة قصاص الأنثى بالأنثى، ونبين أن الرجل قاتل المرأة يمكن إنزال عقوبة القتل بحقه ضمن شروط.
ثم تبين الآية أن القصاص، حق لأولياء المقتول، وليس حكما إلزاميا، فان شاؤوا أن يعفوا ويأخذوا الدية، وإن شاؤوا ترك الدية فلهم ذلك، وتقول: فمن عفي له من أخيه شئ فبعد تبدل حكم القصاص عند عفو أولياء المقتول إلى دية فاتباع بالمعروف أي فعل العافي اتباع بالمعروف، وهو أن لا يشدد في طلب