ومن العبارة الأخيرة نفهم الهدف الدنئ لهؤلاء، وكذلك عاقبتهم الوخيمة.
وقد أورد بعض المفسرين حديثا عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية حديث فيه ملاحظات هامة:
قال رجل للصادق (عليه السلام): إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا، يقلدون علماءهم - إلى أن قال - فقال (عليه السلام): " بين عوامنا وعوام اليهود فرق من جهة، وتسوية من جهة، أما من حيث الاستواء فإن الله ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم، كما ذم عوامهم، وأما من حيث افترقوا فإن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وأكل الحرام، والرشاء وتغيير الأحكام، واضطروا بقلوبهم إلى أن من فعل ذلك فهو فاسق، لا يجوز أن يصدق على الله، ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم، وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة، والتكالب على الدنيا وحرامها، فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم، فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب علماء العامة، فلا تقبلوا منهم عنا شيئا، ولا كرامة، وإنما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك، لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم وآخرون يتعمدون الكذب علينا " (1) واضح أن هذا الحديث لا يدور حول التقليد التعبدي في الأحكام، بل يشير إلى اتباع العلماء من أجل تعلم أصول الدين، لأن الحديث يتناول معرفة النبي، وهذه المعرفة من أصول الدين، ولا يجوز فيها التقليد التعبدي.
* * *