قال له سلمان: أي البيعتين أفضل حالا؟
قال: هذه.
قال سلمان: فأنا أكون في هذه، وأوصى صاحب البيعة عالم البيعة بسلمان، فكان سلمان يتعبد معهم.
ثم إن الشيخ العالم عزم أن يأتي بيت المقدس، فقال لسلمان: إن أردت أن تنطلق معي فانطلق، وإن شئت أن تقيم فأقم.
فقال له سلمان: أيهما أفضل أنطلق معك أم أقيم؟
قال: بل تنطلق معي، وانطلقا حتى أتيا بيت المقدس.
فقال الشيخ لسلمان: أخرج فاطلب العلم، فإنه يحضر هذا المسجد علماء أهل الأرض. فخرج سلمان يسمع منهم، فرجع يوما حزينا. فقال له الشيخ: ما لك يا سلمان؟ قال: أرى الخير كله قد ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء وأتباعهم.
فقال له الشيخ: يا سلمان لا تحزن فإنه بقي نبي ليس من نبي بأفضل منه، وهذا زمانه الذي يخرج فيه، ولا أراني أدركه، وأما أنت فشاب لعلك تدركه، وهو يخرج في أرض العرب، فإن أدركته فآمن به واتبعه، فقال له سلمان: فأخبرني عن علامته بشئ، قال: نعم، هو مختوم في ظهره بخاتم النبوة. وهو يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة.
ثم اتفق أن افترق سلمان عن الراهب لدى عودتهما من بيت المقدس، ففقده في الطريق، وبينما هو يبحث عنه إذ رآه رجلان عربيان من بني كلب، فأسراه، وأخذاه معهما إلى المدينة، قال سلمان: فأصابني من الحزن شئ لم يصبني مثله قط، فاشترته امرأة من جهينة، فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم هذا يوما وهذا يوما. فكان سلمان يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فبينا هو يرعى يوما إذ أتاه صاحبه الذي يعقبه فقال: أعلمت أنه قد قدم اليوم المدينة رجل يزعم أنه نبي؟! فقال له سلمان: أقم في الغنم حتى آتيك. فذهب سلمان إلى